قناة السويس هي قناة مائية تقع إلى الغرب من شبه جزيرة سيناء، وهي عبارة عن ممر ملاحي بطول 163 كم في مصر بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط والسويس على البحر الأحمر. وتقسم القناة إلى قسمين ، شمال وجنوب البحيرات المرّة. استغرق بناء قناة السويس 10 سنوات.
تسمح القناة بعبور السفن القادمة من دول المتوسط وأوروبا بالوصول إلى آسيا دون سلوك الطريق الطويل - طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وأيضا قبل حفر القناة كان بعض النقل يتم عن طريق تفرغ حمولة السفن ونقلها برا إلى البحر الأحمر.//
[] تاريخ القناةعنى حكام مصر الأقدمون بحفر قناة صناعية تربط بين البحرين الأحمر و المتوسط ولكن بشكل غير مباشر و ذلكقناة سيتى الأول عام 1310 ق.م وقناة نخاو عام 610 ق.م وقناة دارا الأول عام 510 ق.م وقناة بطليموس عام 285 ق.م وقناة الإسكندر الأكبر (335 ق.م) قناة الرومان (راجان) عام 117 ق.م قناة أمير المؤمنين (عمرو بن العاص) عام 640 م إلى أن أمر الخليفة "أبو جعفر المنصور" بردم القناة تماماً، وسدها من ناحية السويس، منعاً لأي إمدادات من مصر إلى أهالي مكة والمدينة الثائرين ضد الحكم العباسي ...ومن ثم أغلق الطريق البحري إلى الهند وبلاد الشرق وأصبحت البضائع تنقل عبر الصحراء بواسطة القوافل وأغلقت القناة حتى عام 1820 .
[عدل] الحاجة لحفر قناة السويسبعد قيام الرحالة فاسكو دا جاما باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح لم تعد السفن القادمة تمر على مصر بل تدور حول قارة إفريقيا. وبعد ضمّ بريطانيا العظمى الهند إلى ممتلكاتها أصبح طريق رأس الرجاء الصالح حكراً على بريطانيا وحدها. لذلك فقد كان على فرنسا
أن تفعل شيئاً يعيد لها مجدها وهيبتها لذا ظهرت الحاجة لحفر قناة السويس.
ولكن معظم تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب وجود اعتقاد خاطئ بأن منسوب
مياه البحر الأحمر أعلى من مياه البحر المتوسط.
[ دراسات حفر القناة في القرن الـ 19صورة رسم قديم تظهر مسار القناة من جهة السويس
في عهد نابليون بونابرت وأثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر، وتحديداً في 14 نوفمبر 1799م، كُلّف أحد المهندسين الفرنسيين ويدعى لوبيير
بتشكيل لجنة لدراسة منطقة برزخ السويس لبيان جدوى حفر قناة اتصال بين
البحرين. إلا أن التقرير الصادر عن لجنة لوبيير كان خاطئاً وذكر أن منسوب
مياه البحر الأحمر أعلى من منسوب مياه البحر المتوسط بمقدار 30 قدم و 6
بوصات، بالإضافة لوجود رواسب وطمي النيل و ما يمكن أن بسببه من سد لمدخل
القناة مما أدى لتجاهل تلك الفكرة.
ثمّ وفي أثناء حكم محمد علي باشا لمصر كان قنصل فرنسا بمصر هو مسيو ميمو ونائبه هو مسيو فرديناند دى لسبس و كان في ذلك الوقت عام 1833
جاء أصحاب سان سيمون الفرنسى الاشتراكي إلى مصر لإنشاء قناة السويس و لاقا
حفاوة بالغة من مسيو دى لسبس و عرضا الفكرة على محمد على باشا إلا انه عرض
الفكرة على المجلس الأعلى و فضل إنشاء قناطر على النيل لمنع إهدار ماء
النيل في البحر.
في عام 1840
وضع المهندس الفرنسى لينان دى بلفون بك و الذى كان يعمل مهندساً بالحكومة
المصرية وضع مشروعاً لشق قناة مستقيمة تصل بين البحرين الأحمر و الأبيض و
أزال التخوف السائد من علو منسوب مياه البحر الأحمر على البحر المتوسط و
أكد أن ذلك لا ضرر منه بل على العكس سوف يساعد على حفر القناة و أن مياه
النيل كذلك يجرى ماؤها من الجنوب إلى الشمال و تصب في البحر المتوسط.
في 15 ابريل 1846 أنشأ السان سيمونيون
بباريس جمعية لدراسات قناة السويس و أصدر المهندس الفرنسى بولان تالابو
تقريرا في أواخر عام 1847 مبنياً على تقرير لينان دى بلفون أكد فيه
إمكانية حفر قناة تصل بين البحرين دون حدوث أى طغيان بحرى.
[] مسيو دى لسبس يحول دراسات حفر القناة إلى واقعبعد أن تولى محمد سعيد باشا حكم مصر في 14 يوليو 1854 تمكن مسيو دي لسبس
- والذى كان مقرباً من سعيد باشا - من الحصول على فرمان عقد امتياز قناة
السويس الأول وكان مكونا من 12 بنداً كان من أهمها حفر قناة تصل بين
البحرين، ومدة الامتياز 99 عاما من تاريخ فتح القناة، واعترضت إنجلترا
بشدة على هذا المشروع خوفاً على مصالحها في الهند.
قام مسيو دى لسبس برفقة المهندسين لينان دى بلفون بك وموجل بك كبيرا مهندسى الحكومة المصرية بزيارة منطقة برزخ السويس في 10 يناير 1855
لبيان جدوى حفر القناة وأصدر المهندسان تقريرهما في 20 مارس 1855 والذى
أثبت سهولة انشاء قناة تصل بين البحرين، وقام مسيو دى لسبس بتشكيل لجنة
هندسية دولية لدراسة تقرير المهندسين، ثم قامت اللجنة بزيارة لمنطقة برزخ
السويس وبورسعيد، وصدر تقريرها في ديسمبر 1855
والذي أكد إمكانية شق القناة وأنه لا خوف من منسوب المياه لأن البحرين
متساويان في المنسوب وأنه لا خوف من طمى النيل لأن بورسعيد شاطئها رملى.
في 5 يناير 1856
صدرت وثيقتان هما عقد الامتياز الثانى وقانون الشركة الأساسى وكان من أهم
بنوده قيام الشركة بكافة أعمال الحفر وإنشاء ترعة للمياه العذبة تتفرع عند
وصولها إلى بحيرة التمساح شمالاً لبورسعيد وجنوباً للسويس، وأن حجم
العمالة المصرية أربعة أخماس العمالة الكلية المستخدمة في الحفر.
في الفترة من 5 إلى 30 نوفمبر 1858
تم الاكتتاب في أسهم شركة قناة السويس وبلغ عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب
400 ألف سهم بقيمة 500 فرنك للسهم الواحد وتمكن مسيو دى لسبس بعدها من
تأسيس الشركة وتكوين مجلس إدارتها.
[] فترة حفر قناة السويسفي 25 ابريل 1859
أقيم حفل بسيط ببورسعيد للبدء بحفر قناة السويس و ضرب مسيو دى لسبس بيده
أول معول في الأرض إيذاناً ببدء الحفر وكان معه 100 عامل حضروا من دمياط
ولم يتمكن العمال بعدها من استكمال حفرهم بسبب معارضة إنجلترا والباب
العالى لذلك واستكمل الحفر في 30 نوفمبر 1859
وذلك بعد تدخل الامبراطورة أوجينى لدى السلطان العثمانى ووصل عدد العمال
المصريين إلى 330 عامل والاجانب 80 عامل، وتم الاستغناء عن فكرة الاستعانة
بعمال اجانب لعدة اسباب من ضمنها ارتفاع اجورهم واختلاف المناخ واختلاف
عاداتهم عن العمال المصريين.
في اوائل عام 1860
بلغ عدد العمال 1700 عامل ولم يكن ذلك العدد كافياً على الإطلاق فقامت
الشركة بتشكيل لجنة لجمع العمال و خاصة من منطقة بحيرة المنزلة وواجهت
كذلك مشكلة مياه الشرب فقامت باستيراد 3 مكثفات لتحلية مياه البحر.
في عام 1861
ركزت الشركة على انشاء ميناء مدينة بورسعيد، فأقامت منارة لإرشاد السفن و
كوبرى يمتد من البحر إلى الشاطئ لتفريغ شحنات السفن و المعدات اللازمة
للحفر و أنشأت أيضاً حوضاأ للميناء وأقامت الورش الميكانيكية مثل الحدادة
و الخراطة و النجارة و أقامت مصنعاً للطوب و كانت الشركة مازالت تواجه
مشكلة نقص مياه الشرب فاتفقت مع السيد محمد الجيار صاحب مراكب الصيد على
نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد.
قام الخديوي سعيد في 12 ابريل 1861 بزيارة الميناء الذى حمل اسمه فيما بعد وزار الورش وأثنى على العمل وتسببت تلك الزيارة في رفع عدد العمال اللازمين لحفر القناة.
في 19 ابريل 1861 أرسلت الشركة 3000 عامل لحفر ترعة المياه العذبة بدءاً من القصاصين إلى قرية نفيشة بالقرب من بحيرة التمساح و وصلت المياه اليها في 23 يناير 1863.
في أواخر عام 1861
قام الخديوى بزيارة مناطق الحفر بجوار بحيرة التمساح و اختار موقع المدينة
التي ستنشأ بعد ذلك و التي حملت اسم الاسماعيلية و طلب بعدها مسيو دى لسبس
زيادة عدد العمال إلى 25000 عامل شهرياً و قد كان ذلك للوفاء باحتياجات
الحفر الا ان العمال لم يكونوا يحصلوا على مقابل مادى مناسب.
في 18 نوفمبر 1862 أقام مسيو دي لسبس احتفالاً بمناسبة الانتهاء من حفر القناة البحرية المصغرة ووصول مياه البحر المتوسط إلى بحيرة التمساح و أقيم الحفل في منطقة نفيشة.
وكان الخديوى إسماعيل قد تولى حكم مصر في يناير 1863 وتحمس للمشروع ولذلك أنشأ محافظة القنال في مارس 1863 برئاسة إسماعيل حمدى بك وفى أواخر ذلك العام و تحديداً في 15 ديسمبر 1863 بلغت الترعة الحلوة مدينة السويس.
ولأن مشكلة مياه الشرب كانت مازالت مستمرة وخاصة في بورسعيد فقد بدأت الشركة في 10 ابريل 1864 في مد خط أنابيب المياه العذبة من التمساح إلى بورسعيد وقامت شركة المهندس لاسرو بذلك.
وبسبب كثرة العمال وعدم وجود رعاية صحية كافية لهم فقد انتشر أكثر من وباء بينهم قضى على كثير منهم و من أشهر هذه الأبئة وباء الكوليرا و ظهر في 16 يونيو 1865 ووباء الجدرى في أواخر عام1866. وفى 18 مارس 1869 وصلت مياه البحر المتوسط إلى البحيرات المرة. وفى 15 أغسطس ضربت الفأس الأخيرة في حفر القناة و تم اتصال مياه البحرين في منطقة الشلوفة.
و عليه فقد تم استخراج 74 مليون متر مكعب من الرمال و التكاليف 369
مليون فرنك فرنسى و عدد العمال مليون. و يبلغ عدد الذين ماتوا أثناء الحفر
125 ألف عامل و يبلغ طول القناة 165 كم وعرضها 190 م غاطسها 58 قدم.