طالب الطب فتحي مصطفى محمد صاحب الـ70 عامًا
- عمره 70 عامًا ويعد رابع أكبر طالب على مستوى العالم!!- صلاة الفجر سر تألقه وجائزة نوبل حلم حياته كتب- عبد الله إمبابي:
"اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" دعوة إسلامية على أهمية العلم، رسَّخها بكل معانيها عم فتحي مصطفى محمد صاحب السبعين عامًا، والطالب في الفرقة النهائية بكلية الطب جامعة القاهرة، وهي الكلية التي انتسب إليها عم فتحي منذ 42 عامًا، وما زال طالبًا بها حتى الآن، وعندما تطأ قدمك الكلية أو المدينة الجامعية وتسأل عن عم فتحي، تجد العشرات يتطوع لإيصالك له؛ حبًّا في الرجل الذي يعتبر الكلية بيته الأول.
عم فتحي أو الدكتور فتحي كما يلقبه زملاؤه الطلاب وهم في سن أحفاده، أو كما يناديه أساتذته والذين كان بعضهم إن لم يكن كلهم زملاء له، من مواليد 22 فبراير 1939م بمدينة قطور في محافظة الغربية، التحق بكلية الطب عام 1967م أي منذ 42 عامًا، ويقيم بالمدينة الجامعية للطلاب حتى الآن؛ وهو ليس متزوجًا، معتبرًا حياته هبة للعلم، إلا أن فكرة الزواج ما زالت في ذهنه؛ لكنه يرجئها لما بعد التخرج، خاصة أنه لم يجد حتى الآن الإنسانة التي تناسبه!! على حد قوله.
د. فتحي لا يجد غرابة في طول فترة دراسته، فهو لا يعتبرها فترة طويلة، مستندًا في ذلك إلى أن البشرية خصصت من حياتها 100 عام؛ للتعرف فقط على خطوات البناء الضوئي، مؤكدًا لنا أنه لم يدخل كلية الطب إلا بعد عذاب طويل؛ حيث التحق بالكلية بعد أداء الخدمة العسكرية عام 1964م، وشارك بعدها في حرب 67، وعندما جاءت حرب عام 1973م أصدر حسين الشافعي نائب رئيس الجمهورية وقتها أوامره للمسئولين قائلاً (كفاية اللي عمله فتحي في 67 ماتخليهوش يروح الحرب تاني).
يقضي الدكتور فتحي حياته ما بين الكتب وممارسة تدريبات كمال الأجسام، وعمل المساج لكبار الشخصيات الأكاديمية، وعندما سألناه لماذا كل هذه المدة في كلية الطلب أكد أنها ليست بسبب الفشل؛ ولكنه تعمد الإبحار في علوم الطب، على حد زعمه؛ وهو ما دفعه إلى أن يحلم بالحصول على جائزة نوبل في المساج الطبي، خاصة أنه يقوم بعمل مساج للعديد من المشاهير.
ويعد د. فتحي أكبر طالب في تاريخ جمهورية مصر العربية، والرابع على مستوى العالم، بعد نولا أوتشز البالغة من العمر 95 عامًا التي تخرجت في 12 مايو الماضي من جامعة فورت هايز بولاية كانساس الأمريكية، وهي أكبر شخص سنًّا ينال شهادة جامعية في العالم؛ حيث حطَّمت الرقم القياسي الذي سجله موزيل ريتشاردسون في كتاب جينس للأرقام القياسية، حين تخرَّج عام 2004م من جامعة أوكلاهوما في الصحافة وعمره 90 عامًا، أما الثالث فهو العجوز الصيني وانغ جيانبانغ الذي يبلغ من العمر 78 عامًا، والتحق بكلية الحقوق ليدرس القانون بعد أن خسر دعوى قضائية بسبب إهمال وتقصير من جانب محاميه قبل سنتين، أفقده ملكية شقته، واستولى عليها أحد أقاربه عن طريق التزوير، أما الرابع فهو الدكتور فتحي.
وأرجع عم فتحي استمراره في دراسة الطب بكل علومه، موضحًا أنه رجل لا يهمه الشهادات فهو يتعلم ليشبع رغبة حقيقية في نفسه من أجل التعلم؛ حيث يقرأ أحدث ما وصل إليه العلم؛ لأن كل يوم هناك جديد في الطب؛ حيث يقرأ موسوعة insclubidia of human biology والتي تتكون من 8 أجزاء، وشارك فيها أكثر من 1500 أستاذ متخصص في الطب؛ ويحلق في ذهنه طالب في الفرقة الأولى بكلية الطب بأوروبا اكتشف دواءً لمرض اسمه page، وسُمي اسم الدواء على اسم الطالب؛ قائلاً: (لكن عندنا طالب الطب يجري وراء المال والعلم، وهو يحتاج إلى المذاكرة في إطار نظرية التعلم المستمر، ومع ذلك لو كانوا يريدون شهادات كنت ذاكرت كلمتين ووضعتهم في الامتحان وخلصت، فمن المفاهيم الخاطئة في مصر أنهم لا ينظرون إلا لأصحاب الشهادات وقد يكونوا جهلاء).
برنامج د. فتحي بسيط جدًّا، فهو يستيقظ من النوم مبكرًا ويصلي الفجر، معتبرًا هذا اليوم أغلى "ماراثون" في العالم، ثم يقوم ببعض التمرينات الرياضية؛ حيث يمارس رياضة (كمال الأجسام)، وهو حاصل أيضًا على بطولة إفريقيا للأساتذة (كأس وميدالية)، ثم يذهب بعد تناول الإفطار الذي يركز فيه على زيادة نسبة الخضروات، ولا يتناول أية أدوية أو منشطات فهو أبعد الناس عن الأدوية؛ لأنه يهتم بنظام تغذية خاص به، يقوم على البروتينات والخضر والفاكهة، يذهب بعد الإفطار إلى مكتبات الجامعة والكلية ودار المعارف والأهرام وغيرها، وبعد الظهر يقوم بعمل مساج لعدد من أساتذة الجامعة، والذين دائمًا ما يشهدون له بأن مساجه أفضل من أي مساج يتم عمله في العالم.
ورغم بساطة الحياة التي يعيشها عم فتحي إلا أن طموحه في السماء؛ حيث يحلم بالفوز بجائزة نوبل سواء في الطب الرياضي أو المساج، ودائمًا ما يؤكد أنه يمتلك خبرات عميقة به، خاصة أننا متأخرون في الطب الرياضي تمامًا، كما أننا متأخرون في الوعي الصحي الخاص بالتغذية والوقاية من الأمراض بدعوى لا تمت إلى الإسلام بصلة؛ وهي عدم الاكتراث بالنظافة، وبالتالي فلدينا عيوب خلقية كثيرة كعيوب القوام التي وصلت إلى ما يقرب من 90% أو أكثر، وكل ذلك لأن الرياضيين في مصر لا يستفيدون بالعلم.
طموحه الكبير في الفوز بنوبل دفعني لسؤاله عن مدى صعوبة تحقيق هذا الحلم، فرد قائلاً: (ليست جماجم الذين حصلوا على جوائز نوبل خيرًا من جماجمنا؛ ولكن حينما أُتيحت الفرصة لهم، وسارعوا باستغلالها، فأمسكوا بالحقائق، أما أنا فعندي أم الحقائق وهي
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ﴾ (البقرة: من الآية 282)، فضلاً عن أن هناك 105 شخصيات فازوا بجائزة نوبل عن الطب، وهم ليسوا أطباء بشريين؛ ولكن منهم أطباء بيطريين وخريجي كليات الزراعة والعلوم).
زملاؤه يتعاملون معه معاملة الأستاذ من إجلال واحترام، لم يقطع د. فتحي صلته بأهله في طنطا؛ ولكن يزورهم على فترات بعيدة جدًّا وفي المواسم؛ حيث إن عمله بالمساج ودراسته تمنعانه من زيارتهم بشكل كبير.. الكل يسلم عليه وينظر له كأنه من العظماء، رغم أنه ما زال طالبًا؛ والكثير يعرفونه ولا يعرفهم ولا يرد على أحد التحية إلا بقوله: (عليكم السلام سيدي وحبيبي)، والبعض أطلق عليه لقب طالب الدهر، كما أن منهم من يزوره حتى بعد أن يتخرجوا.
أيضًا الموظفون في الكلية والمدينة يتعاملون معه نفس معاملة الأساتذة إجلالاً واحترامًا، ولا يقولون له إلا يا دكتور فتحي، أما مسألة إنهاء الأوراق الرسمية الخاصة به فهي من البساطة بمكان؛ لأنه يصاحب عددًا كبيرًا من أساتذته بعضهم كان زميلاً له، فيقوم بتسهيل أي مهمة خاصة بالورق.
الغريب أنه لا ينوي فتح عيادة؛ ولكن سيعكف على كتابة خبراته في مجال الطب، وسيعمل جاهدًا على الفوز بجائزة نوبل في الطب الرياضي أو المساج.
د. فتحي عاصر رؤساء مصر الثلاثة ويقول عنهم: (أنا اتصدمت في جمال عبد الناصر بعد اللي عرفته عنه من تعذيب وتنكيل بالمواطنين خاصة المعتقلين، بالإضافة إلى أنني منذ مجيئي للمدينة الجامعية، وأنا أكتب مذكراتي عن الحرب التي خسرنا فيها، والتي فضحت فيها الجميع وسلمت نسخة من تقريري وقتها لأمين العاصمة د. فتح الله الخطيب؛ أما السادات فهو رجل تحقَّق في عهده النصر، ومبارك ظروف البلد في عهده أفضل إلى حد ما).
وبكل جرأة يطالب النظام الحالي بألا يخاف من أمريكا ولا جدود أمريكا ولا عيال أمريكا اليهود ولا أقاربهم على حد تعبيره؛ فيقول "لكن خافوا من الله
﴿إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيمًا(12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)﴾ (المزمل)، أما النووي الذي عندهم فقوة جمعكم تذروها الرياح، ووحدتكم وعقولكم التي رباها الإسلام أنضج وأحكم وأعلى؛ لأن قوة الإيمان أكبر من قوة النيران.
موضوع: الطالب فتحي.. 42 عامًا خدمة في كلية الطب 
