الاستخدامات والتطبيقات في مجال الأرصاد الجوية والمجال العسكري
أولاً: الاستخدامات والتطبيقات في مجال الأرصاد الجوية
كانت الأرصاد الجوية أحد التطبيقات المدنية، التي استفادت مبكراً من تقنيات الاستشعار عن بعد. ويمكن النظر إلى جهاز الاستشعار في هذه الحالة على أنه برج مراقبة عال جدا، ويستطيع أن يكشف مساحة واسعة جداً من سطح الكرة الأرضية والغلاف الجوي الذي يغطيها، وهو لذلك يستطيع أن يعطي معلومات دقيقة عن بعض الظواهر الجوية، مثل التكوينات السحابية، وحركتها.
1. الغلاف الجوي
يغلف الكرة الأرضية طبقة من الغازات، يصل سمكها إلى حوالي 1000 كم. وتعدّ هذه الطبقة رقيقة إذا ما قورنت بنصف قطر الأرض، الذي يبلغ حوالي 6000 كم. وداخل هذا الغلاف الجوي تحدث كل الظواهر الجوية، التي يقوم علم الأرصاد بدراستها.
والسمات الرئيسية للغلاف الجوي هي:
أ. درجة الحرارة: وهي تتعرض لتفاوت كبير بين المناطق المختلفة وطبقات الجو المختلفة.
ب. الضغط: هو القوة التي تعمل على سطح الأشياء.
ج. الرطوبة: وتمثل نسبة بخار الماء المختلط بالهواء.
د. الرياح: تعبر عن تحرك الهواء عند نقطة معينة.
2. أهمية علم الأرصاد الجوية
تؤدي الأرصاد الجوية دوراً حيوياً ورئيسياً في تطوير الاقتصاد لمختلف دول العالم، مهما كان المستوى الذي وصلت إليه الدولة المعنية. وليس عن طريق المصادفة أن الدول التي لديها اقتصاديات متقدمة هي التي تستفيد، إلى أقصى حد، من معلومات الأرصاد الجوية.
فأي برنامج للتنمية الاقتصادية يجب أن يوجه الانتباه إلى المناخ والطقس. حيث يحدد الطقس، على مدار السنة، نوع الزراعة، والإنتاج الزراعي، والزيادة أو النقصان في كمية المياه والأمطار، والإدارة الاقتصادية للسدود، وملاءمة الأماكن المختلفة لأنشطة الإنسان. ويؤثر أيضاً في الأمان والراحة في خدمات النقل والمواصلات.
ولعلّ أهم الأنشطة الإنسانية، التي يمكن أن تستفيد من خدمات الأرصاد الجوية، هي صيد الأسماك، والزراعة، والنقل الجوي، والبناء، والنقل البري والبحري، والاتصالات، وإنتاج الطاقة، والسياحة، وإدارة السدود، والتحكم في المياه، والصناعة.
وكذلك لا يمكن أن نغفل أهمية تأثير الأحوال الجوية والطقس في العمليات العسكرية، ونتائج الحروب. وليس أدل على ذلك من الهزيمة القاسية لجيوش الرايخ الثالث أمام شتاء روسيا، الذي جمد الجنود الألمان، في الحرب العالمية الثانية. وكان أحد أهم أسباب نهاية هذه الحرب بهزيمة ألمانيا.
3. التنبؤ الجوي
التنبؤ الجوي علم قديم، قبل إطلاق الأقمار الصناعية وغزو الفضاء، ويتم عن طريق محطات للأرصاد الجوية منتشرة في أنحاء العالم، وتمد هذه المحطات مراكز التنبؤات الجوية بمعلومات كثيرة عن الجو وعناصره، من درجات حرارة، وضغط، وسرعة رياح، وغيرها.
واستفادت خدمات الأرصاد الجوية من التقدم العلمي الذي حدث في القرن الأخير، حيث بدأ تطوير وسائل جديدة لمراقبة تطورات الغلاف الجوي، واستخدمت البالونات والمناطيد والطائرات والأقمار الصناعية في الحصول على معلومات عن طبقات الجو المختلفة، وفي الوقت نفسه أنشئ نظام عالمي متكامل من المحطات الأرضية والسفن البحرية لمراقبة الجو وتبادل المعلومات عنه بشكل منتظم.
وينقسم التنبؤ الجوي إلى تنبؤ قصير، ومتوسط، وطويل المدى، وتقل دقة التنبؤ بطبيعة الحال كلما زادت مدته. وعلى العموم يمكن الاعتماد على التنبؤات الجوية بدقة فيما لا يزيد على يوم أو بعض يوم. وتستعمل للتنبؤ الأكثر دقة أكثر الحاسبات تعقيدا وقوة مثل الحاسب الفائق Super computer المعروف باسم "كراي" CRAY.
4. استخدام النماذج الرياضية
يتم التنبؤ بالجو عن طريق نماذج رياضية Mathematical Models لمحاكاة ما يحدث في الطبيعة، وبالتالي استنتاج زمن الأحداث الجوية المختلفة وموقعها، وإذاعتها للتصرف بما يمليه الموقف.
ويتم إدخال المعلومات الخاصة بكثافة طبقات الغلاف الجوي مع معلومات حركة الرياح وغيرها من المعلومات في النماذج الرياضية، والتي تستطيع- بناء على هذه المعلومات- إعطاء معلومات وتنبؤات، أكثر دقة، عن حالة الجو لمدى أطول. وكلما زادت آنية المعلومات المتاحة لحاسبات التنبؤ بالجو، كانت النتائج أكثر دقة.
إن مفاتيح النماذج الرياضية لحركة الجو هي توزيع الضغط، ودرجات الحرارة، وكثافة الطبقات الجوية وسمكها، وحركة الرياح. ويمكن حساب حركة الرياح عن طريق غير مباشر برصد حركة السحب من أقمار ساكنة، ويمكن لهذا الغرض تمثيل القمر الصناعي براصد على ارتفاع كبير جدا من الأرض مزود بتلسكوبات ذات قدرة عالية في كل من النطاقين المرئي والحراري، ويسجل هذا الراصد حركة السحب قريبا من سطح الأرض وتدرج درجات الحرارة داخل طبقات السحب.
5. مراقبة الجو على مستوى العالم
في عام 1963 أنشأت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية نظام مراقبة للجو على مستوى العالم يسمى World Weather Watch، وتساهم فيه جميع دول العالم. واليوم هناك نحو 900 محطة مراقبة أرضية ونحو 7 آلاف سفينة مراقبة وتغطي مراقبتها جميع المحيطات بالإضافة إلى تقارير الطائرات التجارية والتي ترسل في الوقت الحاضر نحو 10 آلاف تقرير في اليوم الواحد.
وبدخول الأقمار الصناعية أضيف عنصر جديد وتقنيات جديدة إلى وسائل مراقبة الجو، ودخل هذا العنصر بإمكاناته الكبيرة في شبكة الأرصاد الجوية العالمية. ومن ناحية أخرى هناك منظمات إقليمية للتعاون في استخدام الأقمار الصناعية في الأرصاد الجوية في مناطق معينة، مثل أوروبا وشرق آسيا.
ومن المنظمات الإقليمية المختصة باستخدام الأقمار الصناعية في الأرصاد الجوية منظمة إيموتسات Eumetsat التي أنشئت في 24 مايو 1983م بهدف إنشاء وتشغيل شبكة من أقمار الأرصاد مبنية على شبكة أقمار "متيوسات" الأوروبية.
6. دور الأقمار الصناعية في الأرصاد الجوية
تستطيع الأقمار تحديد سمك طبقات الغلاف الجوي أيضاً، ويفيد ذلك في تحديد مناطق الضغط العالي والمنخفض وتيارات الهواء وتوزيع درجات الحرارة، ويتم ذلك عن طريق قياس ما يسمى بالتدرج الحراري الرأسي. وحيث إننا لا نستطيع بطبيعة الحال أن نضع ترمومترات عند كل كم من ارتفاع الغلاف الجوي، فلابد من البحث عن طريقة أخرى لقياس درجات حرارة الطبقات المتتالية من الغلاف الجوي.
وقياس درجات الحرارة بوساطة الترمومترات هو استخدام لظاهرة التوصيل، لكن قياس درجات الحرارة بوساطة الأقمار الصناعية يتم عن طريق قياس الإشعاع الحراري، ويتم ذلك لأن الغلاف الجوي بينما تنفذ خلاله أشعة الضوء فإنه يمتص الأشعة الأخرى من فوق البنفسجية إلى أشعة جاما بدرجات متفاوتة. وامتصاص الأشعة تحت الحمراء بواسطة مكونات الغلاف الجوي المختلفة يجعل قياس التدرج الحراري ممكناً.
ويشبه رصد حركة السحب رصد التفاصيل المرئية على سطح الأرض، فالسحاب يمكن رؤيته وتصويره بوضوح، وتستنتج حركة السحب من تغير مواقعها مع الزمن، ومنها يمكن تحديد سرعة الرياح. ولذلك فالتكنولوجيا المستعملة هنا مألوفة، وليس فيها جديد، غير التقنيات المستحدثة للرصد المرئي من ارتفاعات كبيرة.
7. أهمية الأشعة تحت الحمراء
الأشعة تحت الحمراء التي تخرج من أعلى الغلاف الجوي ليتم قياسها بوساطة القمر الصناعي هي أشعة خرجت بعد أن تم امتصاص بعضها[1]، وهي لذلك تحتوي على معلومات عن مقدار الامتصاص الذي تم بكل الطبقات، واحدة بعد الأخرى والذي يعتمد على درجة الحرارة فقط.
وبذلك فبقياس درجات الإشعاع الحراري، على ارتفاعات مختلفة، يمكن حساب درجات الحرارة عند هذه الارتفاعات. وبدمج نتائج التدرج الحراري مع قياسات الضغط، عند ارتفاعات مختلفة، يمكن حساب كثافة طبقات الغلاف الجوي في منطقة معينة من الكرة الأرضية.
8. الرصد الجوي بواسطة الأقمار الصناعية
يتم استخدام الأقمار الصناعية في الرصد الجوي، إما عن طريق أقمار في مدارات قطبية، تدور حول الأرض في فترات معينة لتصوير الظواهر الجوية التي تقع تحت مسارها، أو عن طريق أقمار ساكنة، أو ثابتة جغرافيا، فوق منطقة معينة، لمتابعة الظواهر الجوية التي تحدث في منطقتها.
ويمكن الآن الحصول على حالة الطقس فوق مساحة شاسعة بواسطة الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية نهاراً وليلاً، وذلك باستخدام الأشعة تحت الحمراء. وكذلك يمكن الحصول على صورة واقعية لتوزيعات السحب فوق مساحة كبيرة في وقت التقاط الصورة.
ومن تحليل السحب الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية يتم تحديد مراكز المنخفضات الجوية، ومراكز الأعاصير الاستوائية الدوارة. وبمقارنة الصور المتلاحقة يمكن بسهولة تحديد حركة المنخفضات الجوية ونموها، وبالتالي يمكن معرفة التغييرات المنتظرة في حالة الطقس قبل حدوثها بوقت كاف.
ويمكن قياس درجة حرارة ماء البحر، وذلك بمقارنة هذه الصور بصور أخرى قياسية. وبالتجربة، تبين أن هناك خطأ حوالي 1-2 درجة مئوية في هذه الصورة، وهو خطأ كبير، والمحاولات تجرى حالياً للحصول على أقل خطأ ممكن عند قياس درجة حرارة ماء البحر بواسطة الأقمار الصناعية.
9. أنواع أقمار الأرصاد الجوية
تغطي أقمار الأرصاد الجوية في مجملها الكرة الأرضية كلها، وتنقسم إلى مجموعتين متكاملتين:
أ. المجموعة الأولى، وهي الأقمار الاستوائية، وتدور في مدار عند خط الاستواء، ومنها أقمار GOES الأمريكية، وأقمار "متيوسات" METEOSAT الأوروبية، (اُنظر صورة من القمر ميتوسات)، وأقمار "إنسات" INSAT الهندية، وسلسلة أقمار GMS اليابانية.
ب. المجموعة الثانية، وهي الأقمار القطبية، وتدور في مدار قطبي، ومنها أقمار "تيروس" TIROS، وأقمار NOAA الأمريكية، وأقمار "ميتور" METEOR الروسية.
أ. أمثلة للأقمار الاستوائية
تدور هذه الأقمار في مدار ثابت جغرافيا، عند خط الاستواء، فتبدو ساكنة. ويغطي كل منها منطقة معينة، ولذلك تستفيد منها مباشرة دولة معينة، أو مجموعة من الدول، تكون هي عادة التي ستتولى إطلاق القمر الصناعي، وتحمل نفقاته.
وهناك عدة مجموعات من هذه الأقمار:
(1) مجموعة أقمار GOES التي أطلقتهما الولايات المتحدة الأمريكية، في مدار ثابت جغرافيا Geostationary Orbit، وتغطي أمريكا الشمالية والجنوبية والمحيط الهادي.
(2) مجموعة أقمار "متيوسات" METEOSAT، وهي أقمار أوروبية، تدور في المدار نفسه، وقد بدأ إطلاقها عام 1977، وتغطى أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط. وتتعدد الإطلاقات في حالة تعطل بعض وظائف القمر، أو لاستبداله، بعد انتهاء عمره الافتراضي.
(3) مجموعة أقمار "انسات" INSAT، وهي أقمار هندية، تدور في المدار الثابت نفسه، حول خط الاستواء، وتغطي شبه القارة الهندية والمحيط الهندي وجزءاً من آسيا.
(4) مجموعة أقمار GMS اليابانية، وتغطي هذه الأقمار المحيط الهادي وأستراليا.
ب. أمثلة للأقمار القطبية
تدور الأقمار القطبية في مدار عمودي على المدار الاستوائي الثابت، وتحتوي على عدة مجموعات من الأقمار مثل:
(1) مجموعة أقمار "تيروس" TIROS الأمريكية، التي تدور على ارتفاع 800 كم عن سطح الأرض. وقد أطلقت سبعة أقمار من هذه المجموعة.
(2) مجموعة أقمار NOAA الأمريكية، وتدور على ارتفاع 800 كم، وتعطي بيانات جوية، لكل الكرة الأرضية، كل ست ساعات.
(3) مجموعة أقمار "ميتيور" METEOR الروسية، وتدور على ارتفاع 800 كم تقريباً. وقد أطلق منها أقمار برنامج "ميتيور-1" METEOR- I، وتلتها أقمار برنامجي "ميتيور-2" METEOR II و"ميتيور-3" METEOR III.
(4) القمر الصيني "فن يانج" Fen Yang.
ويمكن استقبال البيانات مباشرة من هذه الأقمار باستخدام وحدات صغيرة وقليلة التكلفة. وتتوقف دقة الصورة على معدل الإرسال، وتستخدم النظم العالمية ترددات مختلفة للإرسال، سواء في حيز الترددات العالية جدا، أو حيز الـ S-band، مع ظهور الصورة مباشرة على شاشة الحاسب.
ويتم إطلاق الأقمار القطبية الخاصة بالولايات المتحدة من إحدى القواعد الجوية الأمريكية بولاية كاليفورنيا، وهي الأقمار الخاصة بالهيئة القومية لأبحاث المحيطات والطبيعة الجوية. وذلك باستخدام الصواريخ من نوع "أطلس"، حيث يكون القمر الصناعي الخاص بالأرصاد الجوية في مقدمة الصاروخ. وبعد إطلاقه بمدة دقيقة كاملة تبدأ عمليات إرسال البيانات آلياً من القمر.
ج. إدارة بيانات الأقمار القطبية
تتولى المحطات الأرضية إدارة بيانات الأقمار القطبية باستخدام هوائيات ضخمة، قطرها 26 متراً، تعمل في نطاق التردد S-band، وبعض المحطات يمكنها التقاط بيانات وإدارتها حتى 8 دورات مرور لكل قمر في اليوم.
ويتم التنسيق بين المحطات المختلفة الباقية لتلقي رسائل باقي الأقمار، ثم يتم تبادل المعلومات وتكاملها بين المحطات الأرضية داخل الولايات المتحدة. ولكن تظل هناك بيانات لن يتم التقاطها، فيتم التقاطها بواسطة مركز معلومات الأرصاد الجوية الرئيسي في فرنسا، والذي يرسل هذه المعلومات باستخدام نظام إرسال خاص لأحد الأقمار الساكنة نسبياً[2] GOES.
وتستفيد من بيانات هذه الأقمار آلاف الجهات حول العالم، ويتم إرسال هذه البيانات والمعلومات باستخدام بروتوكولات دولية خاصة بالأرصاد الجوية، وذلك عن طريق معمل متخصص يقوم بإجراء بعض العمليات عليها قبل الإرسال تابع للهيئة القومية لأبحاث المحيطات والأحوال الجوية. وكما في الأقمار القطبية، فإنه يتم استخدام 14 نظام ربط بترددات مختلفة لتداول معلومات وبيانات الأرصاد الجوية.
10. تطور استخدام الأقمار الصناعية في الأرصاد الجوية
كان أول قمر استخدم في الرصد الجوي هو القمر الصناعي "المستكشف-7" Explorer-7 الذي أطلقته الولايات المتحدة في العام 1959م، وكان يحمل أول تجربة لقياس التغيرات في الجو. وتبع ذلك سلسلة أقمار "تيروس" TIROS.
وكان القمر "تيروس- ا " هو القمر الصناعي الأول، الذي أطلق في أول أبريل 1960م، والذي سجل بالصور وبالأشعة تحت الحمراء تكوينات السحب في الطبقات المنخفضة من الغلاف الجوي.
وقد أطلق من هذه المجموعة سبعة أقمار بين 1960-1963م، وضعت في مدار شبه قطبي على ارتفاع 800 كم، وكانت الفترة المدارية التي يتم فيها القمر دورته حول الأرض نحو 100 دقيقة. وأثبتت هذه المجموعة فعالية استخدام الأقمار الصناعية لرصد ومراقبة الأحوال الجوية.
11. البرنامج الثاني للأرصاد الجوية
وشمل البرنامج الثاني للأرصاد الجوية باستخدام الأقمار الصناعية، إطلاق تسعة أقمار على ارتفاع 1600 كم في الفترة من 1966- 1969م.
وفي عام 1970م أطلق أول قمر من طراز "تيروس المحسن" والذي سمي "أيتوس" ITOS لالتقاط صور مرئية وحرارية لتجمعات السحب بدقة تبلغ كم واحداً. وتُعدّ هذه الدقة كافية لتمييز تكوينات السحب المهمة، العالية منها والمنخفضة.
وفي الفترة نفسها تقريبا أطلق الاتحاد السوفييتي السابق سلسلة أقمار "كوزموس"، والتي كانت تخدم أغراضاً مختلفة عسكرية ومدنية، ومنها الأرصاد الجوية، ومن هذه السلسلة يكون القمران "كوزموس-144 " و"كوزموس-156 " أساس نظام أرصاد جوية يسمى "متيور".
12. أقمار "نيمبوس"
وفي العام 1964م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" أول قمر من سلسلة سميت "نيمبوس" Nimbus، وخصصت لاختبار التكنولوجيات الجديدة، وحملت هذه المجموعة سلسلة من الأجهزة المتطورة، فخصص القمر الأول منها للتصوير المرئي والحراري وحمل القمر "نيمبوس-4" في أبريل 1970م أول أجهزة لقياس التدرج الحراري الرأسي.
وفي ديسمبر 1972م حمل "نيمبوس-5 " كاميرات قادرة على الرؤية خلال السحب. أما الأجهزة التي حملها "نيمبوس-6 " فهي التي تحملها الأقمار الصناعية منذ 1978م للقياسات، وتستخدمها الوكالة القومية الأمريكية للمحيطات والجو NOAA وهي الهيئة المنوط بها متابعة بحوث الأرصاد الجوية في أمريكا. وقد أثبتت صور القمر "نيمبوس-7" وجود ثقب في طبقة الأوزون.
13. برنامج الأقمار المتزامنة
ويشكل برنامج الأقمار الصناعية المتزامنة للأرصاد الجوية والمعروفة باسم GOES، بالإضافة إلى برنامج الأقمار الصناعية الأمريكية للأرصاد الجوية ذات المدار القطبي المعروفة باسم "نوا" NOAA مساهمة الولايات المتحدة في البرنامج الفضائي العالمي للأرصاد الجوية، الذي تساهم فيه أوروبا وروسيا والهند واليابان، ومن المتوقع أن تساهم فيه الصين.
14. المركز القومي الأمريكي لأقمار الأرصاد الجوية
وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية المركز القومي لأقمار الأرصاد الجوية، ثم تطور هذا المركز إلى مركز خدمة معلومات الطقس باستخدام الأقمار الصناعية. وقد أقام هذا المركز أول محطة ميدانية للأرصاد الجوية تتعامل مع بيانات الأقمار الصناعية. وكانت مهمة هذه المحطة إرسال رسائل الأقمار إلى مراكز متابعة الأحوال الجوية، وذلك لتقديم الإنذار الفوري للمحطات الأرضية، بخصوص التطور السريع أو المفاجئ في الأحوال الجوية.
وبالولايات المتحدة الأمريكية أربع محطات ترسل بياناتها إلى مركز التنبؤات الجوية الأمريكى في "سان فرانسسكو"، ومراكز التنبؤات بالأعاصير البحرية في "ميامي"، ومركز التنبؤات بالعواصف الجوية في "كانساس". ومؤخراً أنشئت ثلاثة مراكز أخرى.
15. مركز معلومات الأرصاد الجوية
وتم إنشاء مركز معلومات الأرصاد الجوية، ليبث معلومات الأرصاد الجوية لمحطات ومراكز متابعة الأحوال الجوية. كما أتاح المركز إمكانية نقل الصور الملونة، وتتبع حركتها مع الزمن، باستخدام أجهزة الحاسب، لمعرفة تطور المواقف الجوية المختلفة، وكذلك إرسال التقارير الجوية، والتي تطورت، فيما بعد، لتشمل متابعة المناخ العالمي، وإجراء دراسات لمعرفة التطورات في البيئة والمناخ، ودراسات الأمطار المختلفة، والتي تؤدي لحدوث الفيضانات، ومتابعة العواصف الترابية والمنخفضات الجوية …الخ.
كما اشتملت أيضاً على دراسة تركيزات غازات ثاني أكسيد الكربون، والأوزون، وحركة الملوثات الكيميائية والإشعاعية في الكوارث المختلفة باستخدام أنظمة المحاكاة Simulation باستخدام الحاسب، ودراسة التوازن الحراري للأرض والتبادل الحراري بين المحيطات والأرض والهواء، وذلك في مركز تنبؤات خاص لهذا الغرض.
وقد تطور هذا الاستخدام من الولايات المتحدة الأمريكية ليشمل دولاً عديدة، بدعم من المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، والتابعة للأمم المتحدة، ويستفيد منه حاليا أكثر من 140 دولة في العالم.
16. القمر "لاكروس"
تم إطلاق القمر الصناعي "لاكروس" Lacrosse على متن المكوك الفضائي إلى مدار يرتفع 800 كم. وهذا القمر الاستكشافي يحمل رادارا ذا فتحة تسمح بأخذ الصور عن كافة الأحوال الجوية.
17. تزايد عدد الدول التي تطلق أقمار الأرصاد
أدركت دول كثيرة الفائدة المباشرة التي تعود عليها من أقمار الأرصاد الجوية فأطلقت عدة دول- ومنها دول نامية - أقمارها الخاصة بالأرصاد. ومن هذه الدول اليابان وأوروبا والهند. وهذه الأقمار أقمار ساكنة، ويغطي كل منها منطقة معينة، ولذلك تستفيد منها مباشرة دولة معينة، أو مجموعة من الدول، تكون هي عادة التي ستتولى إطلاق القمر الصناعي وتحمل نفقاته.
وأطلقت إيطاليا قمراً صناعياً صغيراً لأغراض الأرصاد الجوية وخدمة البيئة ليقوم بإرسال البيانات لحظياً إلى مراكز الاستقبال الأرضية المنتشرة. والنظام ناتج من التعاون بين وكالة الفضاء الإيطالية وشركة Kayser Threde الألمانية، ويتكون من قمرين من الحجم الصغيرMicro Satellite للتحكم الأرضي، أحدهما في روما والآخر في ميونخ، ومحطة استقبال أرضية صغيرة.
وقد تم إطلاق القمر Temisat -1 الذي يزن 42كجم بصاروخ الدفع الروسي "سيكلون" Cyclon والقمر في شكل مكعب 40 × 40 × 40 سم ومغطى بخلايا ضوئية للتغذية الكهربائية ـ ويرسل البيانات إلى المحطات الأرضية بمعدل 72 كيلو بايت/ث.
ثانياً: الاستخدامات والتطبيقات العسكرية
تزايدت أهمية الفضاء للعمل العسكري فأصبح يمثل المسرح الرابع للعمليات الحربية، بعد المسارح البرية والجوية والبحرية، ومن خلاله صار من الممكن تنفيذ كثير من المهام مثل التجسس والاستطلاع والإنذار المبكر ورصد الصواريخ الباليستية والملاحة، والاتصالات والتنبؤ بالطقس والمناخ.
وفيما يبدو أن الأهداف الأساسية للأنشطة الفضائية تتضمن أهدافا نفعية محضة من السهل نسبيا تحديد تكاليفها ومنافعها، وأهدافا أخرى قد تكون تكاليفها ومنافعها صعبة التحديد. ومجموعة التطبيقات العسكرية التي تُعد ذات مصلحة قومية هي إحدى فئات هذه الأهداف النفعية، وتشمل فئة ثانية تطبيقات مدنية لتقنيات الفضاء تخدم الصالح العام بخدمات عامة كفيلة لتغطية تكاليفها في السوق.
1. أنواع التطبيقات العسكرية
يمكن تصنيف التطبيقات العسكرية لبرامج الفضاء إلى: تطبيقات دفاعية وأخرى هجومية، والتطبيقات الدفاعية كانت هي الغالبة حتى الآن، ويرجع الفضل في هذا، لدرجة كبيرة، إلى سلسلة من الاتفاقيات وإلى قرارات الأم المتحدة في شأن الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.
وهناك قدر من الإقناع في القول بأن تبادل النوعيات المتقدمة من الاستطلاعات بين كل الأطراف، التي يحتمل أن تصبح متخاصمة، يقلل من التوتر العالمي، فإعطاء التنبيهات المسبقة عن نشر قوات ومعدات عسكرية، يقلل عنصر المفاجأة، ويوفر وقتا أطول للمفاوضات المكثفة.
ولا شك في أن الاستخدامات العسكرية للفضاء كانت أقوى الحوافز للجهود الفضائية اللاحقة، بل إن الرئيس الأمريكي الأسبق ليندون جونسون قال مرة: "إن منافع نظام الأقمار الصناعية للولايات المتحدة للاستطلاع العسكري عادت علينا بأكثر مما أنفق على كامل برنامجنا القومي في الفضاء".
2. الصور الفضائية في حربي الخليج
من المعروف أن الصور التي جمعتها أقمار "سبوت" SPOT بيعت لدول منطقة الخليج خلال الحرب العراقية- الإيرانية، ومنها صور لمنطقة البصرة، وشط العرب، والفاو، وكانت هذه المعلومات متاحة لكل من يستطيع أن يدفع ثمنها، سواء من الدولتين المتحاربتين أو من وسائل الإعلام.
وفي حرب تحرير الكويت كان هناك أكثر من 12 قمراً صناعياً عسكرياً تقوم بدعم القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث قامت بمهام الإنذار المبكر، والاستكشاف، والتجسس الإلكتروني، والملاحة، والأرصاد الجوية بغرض رصد التحركات العراقية.
3. التعامل مع الصور الفضائية في حرب الخليج
كانت الصور المأخوذة تُعالج على متن القمر الصناعي، وتخزّن بصور رقمية، ثم تبث إلى محطات أرضية نائية في "جرينلاند" Greenland ومنطقة المحيط الهادي، ثم يعاد بث هذه الصور إلى "مركز التصوير الوطني" في واشنطن بواسطة الأقمار الصناعية التجارية، ومن هناك يتم نقلها إلى قيادة الاستخبارات المركزية في البيت الأبيض وغيرها من الوكالات الأمنية.
وكانت البحرية الأمريكية تؤمن اتصالاتها بين السفن بعضها البعض، وكذلك بين كل سفينة والشاطئ بواسطة أقمار صناعية خاصة بالبحرية من طرازات FltSatcom وSyncom IV التي تعمل كلها في مدارات ثابتة.
4. نقل الصور إلى الجنود من خلال شبكة الإنترنت
أجرى الجيش الأمريكي تجربة لنقل صور الأقمار الصناعية عبر المحطة الأرضية المسماة "رؤية النسر" Eagle Vision II إلى الوحدات المقاتلة. وباستخدام هذه الصور، يمكن للجنود بالمحطة إرسال الصور الخام، الواردة من القمر الصناعي، لمنطقة معينة، خلال شبكة الإنترنت INTERNET إلى كل من يطلبها في زمن لا يتعدى ساعة واحدة.
وهذا النظام مصمم لتوفير الصور الفضائية في الزمن الحقيقي Real Time. وتتكون المحطة الأرضية من طبق قطره 5.4 متر، ومقطورة طولها 34 قدماً، ويمكن نقلها على طائرتين من طراز C-130 إلى أي مكان في العالم.
5. إمكانات محطة "رؤية النسر"
يتولى تشغيل المحطة طاقم مكون من سبعة جنود وثلاثة مدنيين طوال 24 ساعة يومياً. ويمكن للمحطة أن تتعامل مع عدة أقمار صناعية لاستقبال الصور، أبيض وأسود، للأهداف الأرضية، التي تزيد أبعادها على عشرة أمتار، والصور الملونة للأهداف التي تزيد أبعادها على 20 متراً.
وابتداءً من صيف عام 2000 م بدأ قمر صناعي تجاري في إمداد المحطة بصور تصل أبعادها حتى متر واحد، أبيض وأسود، وأربعة أمتار، ملون. ويمكن للمحطة أيضا استقبال الصور الرادارية خلال النهار والليل وفي جميع الظروف الجوية.
وقد تم تطوير المحطة Eagle Vision II بواسطة مكتب الاستطلاع القومي National Reconnaissance Office (NRO) الأمريكي لإمداد القادة العسكريين بالصور الغير سرية لاستخدامها في الأغراض العسكرية، وفي ظروف الكوارث، للتخطيط للمهام، ولاختيار الأهداف، أو لتحديد حجم الخسائر.