إن فكرة فريق العمل حولنا في كل مكان, فإذا ما نظرت إلى الحيوان فإنك تجد الأسود والذئاب تشكل فرقًا للصيد, وفي واقع الأمر, إن فكرة فريق العمل هذه تعود إلى قديم الأزل, فجدودنا الأوائل اعتادوا العمل معًا من أجل البقاء, فعندما كانوا يذهبون للصيد, كان ذو النظر الحاد يتولى الحراسة والمراقبة, وذلك الذي يعدو أسرع وأقوى يقوم بالصيد, وبعد الحرب العالمية الثانية وجد أن الجيش الذي يعمل بروح الفريق قد حقق أفضل النتائج, فالسر الحقيقي وراء نجاح اليابانيين هو قدرتهم على العمل معًا, وهم لا يعبأون كثيرًا إلى من يذهب الفضل والتقدير, بل يهتمون بالعمل معًا والفوز معًا, وذلك هو السبب الذي جعل اليابان واحدة من أغنى البلاد في العالم اليوم.
السر وراء الإنجازات:
يقول "ألكساندر جراهام بل": (إن الاكتشافات والإنجازات العظيمة تحتاج إلى تعاون الكثير من الأيدي)، إن ما تحتاجه في فريق عملك أن يكون متوازيًا في أسلوب إدارته مع فريق كرة القدم المحترف, حيث يعمل فيه الأفراد جميعًا بتعاون تام, فلا تجد الهدف يتحقق إلا بمشاركة فاعلة من جميع الموظفين, ودورك في الفريق لا يتعدى كون "قائد الفريق" الذي يتحكم في دفة الأمور ويوجه الجميع.
لماذا يعمل هؤلاء لديك؟
وهذا هو أهم سؤال يجب أن تضع يدك على إجابته, فيجب أن تعلم الدافع الأساسي وراء اندفاعهم نحو هذا العمل ويتحول هذا إلى مصدر مشاركتك لهم, وعن هذا يحكي "ديل كارنيجي" فيقول:
(وجد "أدولف سيلتز" ـ مندوب مبيعات ويعمل في أحد معارض السيارات في "فيلادلفيا" ويدرس في أحد برامجي التدريبية ـ أنه يواجه ضرورة بث الحماس في مجموعة محبطة وغير منظمة من مندوبي مبيعات السيارات, فحضر اجتماعًا لهم وحثهم على أن يقولوا له ما يتوقعون منه بالتحديد, وعندما بدأوا الحديث بدأ هو يدون أفكارهم على سبورة, ثم قال لهم: سوف أعطيكم كل هذه الخصال التي تتوقعونها مني, والآن أريدكم أن تقولوا لي ما أتوقعه منكم.
وجاءت الإجابات سريعة جدًا تقول: الولاء والأمانة والمبادرة والتفاؤل والعمل الجماعي وثماني ساعات من العمل النشط بحماس يوميًا.
وانتهى الاجتماع ببث الحماسة فيهم, وزرع روح جديدة, وتطوع أحدهم للعمل 14 ساعة يوميًا, وكتب سيلتز يقول إن مبيعاتهم ارتفعت كظاهرة.
لقد قام هؤلاء بنوع من المساومة المعنوية معي وطالما أنني كنت على مستوى المساومة, عزموا هم أيضًا على الارتفاع لهذا المستوى فكانت مشاورتهم بشأن رغباتهم وآمالهم هي الجرعة التي يحتاجون إليها).
لكل زمان وسائله:
لكل زمان طريقته سواء في البناء أو الإدارة, والآن لابد أنك تتساءل؛ كيف إذًا أستطيع أن أبني النمط الإداري لمؤسستي؟ أستطيع أن أساعدك من خلال هذه النقاط:
1. أوجد شعورًا مشتركًا لتحقيق الهدف: فمن أكثر ما يعطي فريق العمل الدفعة القوية لتحقيق إنجازات هائلة هو وحدة الرؤية التي يشترك فيها جميع أفراد الفريق, وهذه الروح تبث طاقة هائلة لدى اللآخرين, وما تحتاجه هو أن تعمل على تركيز هذه الطاقة في المصلحة المشتركة للعمل.
2. اجعل الأهداف جماعية: حيث يمكنك الآن أن تزيل الفوارق بين أعضاء الفريق, وتجعل الفوز هو فوز الفريق ككل, فلا أحد يفوز حين يخسر الفريق, ولا أحد يخسر حين يفوز الفريق, وكأني أتذكر تشبيه النبي صلي الله عليه وسلم للناس بأنهم "قوم استهموا على سفينة, فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها, فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا, فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا".
3. تعامل مع الموظفين كأنهم أفراد: فعندما يتجمع الأفراد في فريق عمل لا تتبخر صفاتهم الفردية, فلا زال لهم شخصيات مختلفة, وأيضًا مهارات مختلفة, وآمال ومخاوف مختلفة, والقائد الموهوب يعترف بهذه الاختلافات ويقدرها ويستغلها لصالح الفريق.
4. اجعل كل فرد مسئولًا عن انتاج الفريق: يحب الناس أن يشعروا بمشاركتهم في أمر مهم وإلا سوف يقل اهتمامهم بالمهام الموكلة إليهم, واجعل المشروع خاصتهم واستخرج أكبر قدر من القرارات من المجموعة ذاتها, وادعهم إلى المشاركة ولا تمل عليهم الحلول ولا تصر على أداء العمل بشكل معين.
5. شارك في الانتصار وتقبل اللوم: عندما يقوم فريق العمل بعمله على الوجه الأكمل ويلقى الاستحسان يكون من مسئولية القائد أن يوزع الفوائد, بل لابد أن يربت على كتف أعضاء الفريق, وأن يعطي حوافز مالية, وأن يذكر هذا النجاح في منشورات الشركة, أيًا كان من هذه الأساليب التي يحصل فيها كل عضو في الفريق على نصيب.
6. استغل كل الفرص لبناء ثقة الفريق: فالقائد الحقيقي هو الذي يؤمن بإمكانيات فريقه, ويظهر هذا الإيمان في تعاملاته معهم مما يعطيك الفرصة لبناء قدر كبير من الثقة بك.
7. كن ناصحًا مخلصًا: فمن أهم أعمال القائد أن يطور مواهب أعضاء فريق العمل ويدعم قدراتهم, فتخيل معي كيف سيكون حال أعضاء الفريق إذا كان لديك اهتمام بحياتهم وتتحمل مسئولية مستقبلهم المهني والاجتماعي.
8. تأكد من فهم كل فرد من أفراد الفريق لوظيفته: فقد يصبح العمل مجرد شكليات ومحاولات لإرضائك, ويقول "إيريك جيرشمان" مؤسس شركة "ببليد إيميج": (لقد كانت لدينا شركة يعتقد موظفوها أن وظيفتهم هي إسعاد رؤسائهم بدلًا من خدمة عملائهم, ولهذا كان علينا أن نحدث تغييرًا جذريًا في شركتنا).
كيف تصبح في المقدمة؟
ميزتان تجعلك وفريق عملك في المقدمة, ولابد أن تراعيهما عند اختيارك لفريق عملك:
الأولى: أقل حجمًا وأكثر ذكاءً وخفة: يظن البعض عند اختيار فريق عمله أو التأسيس لشركته أنه يحتاج إلى عدد كبير من الموظفين لتسيير العمل في المؤسسة, إلا أنه يعود ويكتشف أنه ما من داعٍ لتعيين كل هؤلاء, فيقع في مأزق التخلص من العمالة الزائدة, لذا عند اختيارك لفريق عملك حدد حجم العمل المطلوب واستعن بأفضل الموظفين الذين تحتاج إليهم, أي يمكنك اختيار فريق العمل الأقل حجمًا والأكثر ذكاءً.
الثانية: مبتكر وقابل للتكيف: عندما تسعى لإمداد شركتك بأكفأ الموظفين, يمكنك الاستعانة بالأكثر ابتكارًا والأسهل تأقلمًا مع الظروف المحيطة به, فجميع الشركات قد تواجه أوقاتًا عصيبة, تحتاج من أجلها تغيير ظروف العمل, وهذا الذي لن يستطيع أن يتكيف مع هذه الظروف سيتحول إلى عبء إضافي عليك وعلى الآخرين